1- إشكاليةُ مُصطلَح "إفريقية" و"أفريقيا"، ودلالتهما
اختلف الباحثون في أصل لفظ أو مصطلح "أفريقيا" Africa، أو "القارة الأفريقية"، وبدا هناك خلطٌ واضح بين لفظ "إفريقية"، وهي المدينة القديمة التي تقع في غرب مصر في بلاد شمال أفريقيا من ناحية، وتسمية "أفريقيا" التي تشير للقارة ذاتها، وآراضيها. وترجع المصادر التاريخية القول بتسميات بلاد المغرب والمشرق للمصريين الذين أطلقوا على البلاد التي تقع إلى الغرب من آراضيهم باسم بلاد المغرب، والعكس في البلاد الواقعة شرق مصر سموها المشرق.
يذكر المؤرخ ياقوت الحموي (المتوفى سنة 626هـ) في مُعجمه المعروف (مُعجم البلدان): "وأصلُ هذه القسمة من أهل مصر، وعليه بقيت عادتهم إلى الآن، فإنهم يُسمون ما عن إيمانهم إذا استقبلوا الجنوب مغربًا، وما عن شمائلهم مشرقًا، وهو كذلك بالاضافة إليهم، إلا أنهم رفعوا الاضافة وأطلقوا الاسمين، فصار المشرق لذلك أضعاف المغرب".
ويُشير لفظُ "إفريقية"، وتكتب بـ"ألف" أسفلها "همزة"، وآخرها "تاء مربوطة، في المصادر العربية إلى مدينة تقع في شمال أفريقيا حاليًا، وبحسب بعض المصادر تقع فيما بين مدينة برقة (في ليبيا حاليًا) والقيروان (في تونس)، بينما يحددها البعضُ بمدينة القيروان، أو تونس حاليًا..الخ.
وعن موقع "إفريقية"، أو آراضي الإقليم المتسع الذي كانت تشغله، يقول ابن الفقيه: "ومن برقة إلى القيروان مدينة إفريقية ستمائة وثمانية وثلاثون ميلاً". وأشار البعضُ إلى أنه يُقصد بها قرطاجنة (أو قرطاج) التي كانت حاضرة لولاية "إفريقية" في العصر الإسلامي، وهي تقع الآن شرق بلاد تونس.
ولقد وضع المؤرخ المصري ابن عبدالحكم (ت: 257هـ) أحد الأبواب في كتابه الموسوم بـ"فتوح مصر"، بعنوان: "ذكر فتح إفريقية" وتلك إشارةٌ منه لأهمية فتح إفريقية للمسلمين في ذلك الوقت، ويعد هذا الكتاب أحد أهم المصادر في التاريخ الإسلامي بصفة عامة، وتاريخ مصر وشمال أفريقيا وبلاد المغرب خاصة.
وتجعل بعضُ المصادر مدينة "تاهرت" (في الجزائر حاليًا) جزءً من مدينة "إفريقية"، أو اقليم إفريقية القديم، إذ يقول الإصطخري: "ويقال إن كورة تاهرت بأسرها من أفريقيا، إلا أنها مُفردةٌ بالاسم والعمل في الدواوين".
ومن اللافت أن الإصطخري يذكرها هكذا كما وردت (في روايته): "أفريقية"، ولعل هذا، في الغالب، يبدو خطأ من ناسخ المخطوط الأصلي، إذ دوما الهمزة توضع أسفل الألف. بينما بحسب تصور آخر، فإن "إفريقية" اسم لبلاد واسعة ومملكة كبيرة تقع قبالة صقلية، وينتهي آخرها في مقابل جزيرة الأندلس.



